عنه والانزجار به ظلم عليه، وهو قبيح بالذات، وتخلف الذاتي عن ذي الذاتي محال، فلا حكم من العقل هنا بنحو الاقتضاء والتعليق بل بنحو العلية والتنجيز، كما فصلناه آنفا (1)، وإن كان انحفاظ المرتبة بلحاظ إناطة الإنشاء الواقعي بوصوله تفصيلا في صيرورتها بعثا وزجرا شرعا، ففيه: أن الكلام في العلم الطريقي المحض لا في العلم المأخوذ في الموضوع، وإلا فالعلم التفصيلي أيضا يمكن أن لا يكون منجزا، لإناطة الإنشاء في الباعثية والزاجرية بعلم تفصيلي حاصل من سبب خاص أو في مورد مخصوص.
وقد عرفت أن الكلام هنا متمحض في الفرق بين العلم التفصيلي والإجمالي وإن كان انحفاظ المرتبة بلحاظ فعلية الحكم الواقعي من وجه، وفعلية الحكم الظاهري من جميع الوجوه، ولا منافاة بين الفعلية المطلقة ومطلق الفعلية بل بين الفعليين من كل وجه وهو الفعلي بقول مطلق، وهذا هو المراد هنا كما نص عليه في مبحث الاشتغال (2).
ففيه أن الفعلي من وجه لا معنى له إلا ما ذكرناه سابقا في شرح كلامه وتصحيح مرامه (3) (زيد في علو مقامه)، من أنه الإنشاء بداعي جعل الداعي دون غيره من الدواعي، لاستحالة صيرورته بعثا وزجرا، للزوم الانقلاب، ومثل هذا الإنشاء هو تمام ما بيد المولى وتمام ما يتحقق منه بالفعل، وقيام الحجة عليه يجعله مصداقا للبعث والزجر فعلا، فيكون فعليا من جميع الوجوه إلا أن الفعلي من وجه بهذا المعنى إنما يمكن جعل حكم فعلي مطلق على خلافه أو على وفاقه إذا كان محتملا أو مظنونا.
فإنه ما لم تقم الحجة عليه لا يكون فعليا مطلقا كي يلزم اجتماع الضدين والمثلين، وأما إذا قامت الحجة عليه فلا، وقد بينا (4) أن العلم الإجمالي في حد العلمية كالعلم التفصيلي ولا فرق في الوصول المقوم للباعثية الفعلية والزاجرية