ولو كان مولده ومنشؤه بمكة، فخرج منتقلا مقيما بغيرها ثم عاد إليها متمتعا ناويا للإقامة أو غير ناو لها، فعليه دم المتعة - وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق (1) - لأن حضور المسجد الحرام إنما يحصل بنية الإقامة وفعلها، وهذا إنما نوى الإقامة إذا فرغ من أفعال الحج، لأنه إذا فرغ من عمرته فهو ناو للخروج إلى الحج، فكأنه إنما نوى أن يقيم بعد أن يجب الدم.
مسألة 584: الآفاقي إذا ترك الإحرام من الميقات، وجب عليه الرجوع إليه والإحرام منه مع القدرة، فإن عجز، أحرم من دونه لعمرته، فإذا أحل، أحرم بالحج من عامه وهو متمتع، وعليه دم المتعة، ولا دم عليه لإحرامه من دون الميقات، لأنه تركه للضرورة.
قال ابن المنذر وابن عبد البر: أجمع العلماء على أن من أحرم في أشهر الحج بعمرة وأحل منها ولم يكن من حاضري المسجد الحرام ثم أقام بمكة حلالا ثم حج من عامه أنه متمتع عليه دم المتعة (2).
وقال بعض العامة: إذا تجاوز الميقات حتى صار بينه وبين مكة أقل من مسافة القصر فأحرم منه، فلا دم عليه للمتعة، لأنه من حاضري المسجد الحرام (3).
وليس بجيد، فإن حضور المسجد إنما يحصل بالإقامة به ونية الإقامة، وهذا لم تحصل منه الإقامة ولا نيتها.