وقال أبو حنيفة: لا يسقط الدم حتى يعود إلى بلده (1)، لأنه لم يلم (2) بأهله، فلم يسقط دم التمتع، كما لو رجع إلى ما دون الميقات. وليس بجيد، لأن بلده موضع لا يجب عليه الإحرام منه بابتداء الشرع، فلا يتعلق سقوط دم التمتع بالعود إليه، كسائر البلاد، ودون الميقات ليس ميقات بلده.
مسألة 580: قد بينا أن ميقات حج التمتع مكة، فإذا فرغ المتمتع من أفعال العمرة، أنشأ الإحرام بالحج من مكة، فإن خالف وأحرم من غيرها، وجب عليه أن يرجع إلى مكة، ويحرم منها، سواء أحرم من الحل أو من الحرم إذا أمكنه، فإن لم يمكنه، مضى على إحرامه، وتمم أفعال الحج، ولا يلزمه دم لهذه المخالفة، لأن الدم يجب للتمتع، فإيجاب غيره منفي بالأصل.
وقال الشافعي: إن أحرم من خارج مكة وعاد إليها، فلا شئ عليه، وإن لم يعد إليها ومضى على وجهه إلى عرفات، فإن كان أنشأ الإحرام من الحل، فعليه دم قولا واحدا، وإن أنشأ من الحرم، ففي وجوب الدم قولان:
أحدهما: لا يجب، لأن الحكم إذا تعلق بالحرم ولم يختص ببقعة منه، كان الجميع فيه سواء، كذبح الهدي.
والثاني: يجب، لأن ميقاته البلد الذي هو مقيم فيه، فإذا ترك ميقاته، وجب عليه الدم وإن كان ذلك كله من حاضري المسجد الحرام (3).
مسألة 581: يشترط في التمتع: النية، على ما سبق، فلو لم ينوه، لم يكن متمتعا ولم يجب الدم، وهو أحد قولي الشافعي.
وفي الآخر: يكون متمتعا ويجب الدم، لأنه إذا أحرم بالعمرة من