النفس بتأثرها - أو تأثر قوة من قواها بنيل المحبوب - لا دخل له بالحب بل هو أمر متأخر عن وجود ما يوجب الالتذاذ.
وأما وجوده العلمي، فلانه تصديق بكون الشئ محبوبا بالجبلة والفطرة لا موجب لحبه بالفطرة، فلو لم يكن ما فيه الفائدة (1) محبوبا بالجبلة والفطرة لم يوجب تصوره والتصديق به حبه له، بل الحب الكلي الجبلي يتخصص بهذا الجزئي بعد تصوره وتصديقه لا أنه مقتض لتحققه ومما يترشح منه. فإذا عرفت منشأ الحب في نفسه فنقول الأشياء يتفاوت في محبوبيتها بالفطرة، فبعضها محبوب بذاته لما فيه من الفائدة العائدة إلى الشخص، وبعضها محبوب لكونه مما يتوصل به إلى المحبوب الذاتي، فتصور المقدمة تصور ما هو محبوب توصلي لا موجب له فمنشأ الحب واحد، لكنه، تارة بالذات، وأخرى بالعرض، لا أن هناك مقتض لوجود الحب التبعي ويتوقف تأثيره أو قربه إليه على وجود الحب الذاتي، فمقدمة المحبوب محبوبة بالفطرة والحب الذاتي بمنزلة علل القوام للمحبوب التبعي فيكون الحب الذاتي الجزئي بالإضافة إلى أمر خاص متقدما طبعا على الحب التبعي كما في كل شئ متقوم بجزئين، فان الجزئين في مقام الذات لهما التقدم بالماهية والتجوهر على الذات، ولهما التقدم الطبعي عليها في الوجود لا العلية بنحو الاقتضاء أو بنحو الشرط أو بنحو الاعداد، فتدبره فإنه حقيق به.
305 - قوله: " بل للتهيؤ لايجابه، فافهم " الخ:
إن كان ملاك الوجوب النفسي عدم انبعاثه عن وجوب غيره كان الايجاب للتهيؤ داخلا في الايجاب النفسي كما أفاده - قده - (2) وإن كان ملاك الوجوب النفسي كون متعلقه حسنا بنفسه، وإن كان الغرض منه التوصل إلى غرض مطلوب بذاته كما هو مبناه - قده - وبه دفع الاشكال عن الواجبات النفسية