كالأكل من القفا.
وأما ما أورد عليه شيخنا الأستاذ في تعليقته (1) الأنيقة من أن الفعل بواسطة الالتزام بحكم الله والبناء عليه لا يتغير عما هو عليه بل هو إثم قلبي، لأنه بهذا البناء والالتزام تصرف في ما هو سلطان المولى من تشريع الاحكام.
فتقريبه وتوضيحه، أن ما هو شأن المولى وتحت سلطانه تشريع الاحكام بالبعث والزجر لا فعل المبعوث إليه أو ترك المزجور عنه، فالتشريع إنما يتصور من العبد إذ بعث وزجر غيره بعنوان أنه شارع وبعنوان أنه بعثه وزجره منه، فحينئذ قد تزيا بزي المولى وتشأن وتصرف في سلطانه. وأما الفعل بل وكذا مجرد البناء على صدور أمر من المولى فليس شئ منهما من شؤون المولى ليكون هتكا لحرمته بالتلبس به، وعليه فكما لا إثم بحسب فعل الجوارح كذلك لا إثم بحسب فعل القلب أيضا، لما عرفت من أن فعل المولى المختص به هو البعث والزجر لا الفعل ولا فرض صدورهما.
ويمكن دفعه بما مر منا في مسألة النهى في العبادات (2)، محصله أن بعثه وزجره تعالى ايجاد تسبيبي منه لفعل العبد واعدام تسبيبي منه لفعله بحيث لو تمت الدعوة وأثرت العلة وانتهت إلى معلولها كان الفعل الخارجي فعلا مباشريا من العبد وفعلا تسبيبا من المولى، فإذا فعل بعنوان أنه موجود تسبيبي منه تعالى فقد شرع في جعله تسبيبا منه تعالى، حيث إن الايجاد التسبيبي شأنه وداخل تحت سلطانه، فبهذا الاعتبار يصح جعل الفعل الخارجي معنونا بعنوان التشريع المحرم عقلا هذا.
وأما اتصافه بالافتراء والكذب عليه (تعالى) فهو إنما يكون إذا كان في مقام الحكاية عن ايجاب فعله المأتى به بعنوان أنه واجب، فان الحاكي يتصف بالصدق والكذب والافتراء قولا كان أو فعلا، وباعتبار قيامه بالقائل والفاعل