وإن كان قد قبضه، لم يكن للمحال عليه استعادته، لكن إن كان قد قبضه، برئ المحيل على إشكال أقربه: العدم؛ لاعترافه بأن المحتال قد ظلم المحال عليه بأخذ المال منه، فيجب عليه الدفع إلى المحتال.
مسألة 628: إذا كان لرجل على آخر دين فأذن المديون له في قبض دين له على ثالث ثم اختلفا، فقال المديون للقابض: وكلتك في قبض حقي من الثالث لي، وقال القابض: بل أحلتني على الثالث، فإن اختلفا في أصل اللفظ فزعم المديون أنه وكله بلفظ الوكالة، وزعم القابض أن الجاري لفظ الحوالة وهي مقصودة، فالقول قول المديون مع اليمين وعدم البينة؛ لأن الأصل استمرار حق القابض على المديون، واستمرار حق المديون على الثالث، فالموكل يدعي بقاء الأصل، والآخر يدعي خلافه، فكان المقدم مدعي الوكالة.
ولو كان مع أحدهما بينة، حكم بها؛ لأن اختلافهما في اللفظ، ويمكن إقامة البينة عليه.
ولو اتفقا على جريان لفظ الحوالة ثم ادعى المديون أنه قصد التسليط بالوكالة، وعبر عن الوكالة بلفظ الحوالة، وادعى القابض أنه قصد حقيقة اللفظ، وهو معنى الحوالة، احتمل تقديم قول المديون؛ لأنه أعرف بلفظه، وأخبر من غيره بقصده.
ولأن الأصل بقاء حق المحيل على المحال عليه، وبقاء حق المحتال عليه، والمحتال يدعي نقلهما والمحيل ينكرهما، والقول قول المنكر مع اليمين، وكما يستعمل اللفظ في معناه الحقيقي، يستعمل في معناه المجازي، والتعويل في إرادة أحدهما إلى المتكلم.
وهذا قول بعض الشافعية وأبي حنيفة وأصحابه؛ لأن اللفظ محتمل