وله قول آخر: إن موجبها أحد الأمرين: إما القصاص، أو الدية (1).
فإن عفا عن القصاص، تثبت له الدية، وتعلق بها حقوق الغرماء.
وإن عفا على غير مال، فإن قلنا: الواجب القصاص خاصة، لم يثبت له شيء. وإن قلنا: الواجب أحد الأمرين، ثبتت الدية، ولم يصح إسقاطه لها؛ لحق الغرماء؛ لأن عفوه عن القصاص يوجب الدية، فلا يصح منه إسقاطها.
مسألة 286: للمفلس المحجور عليه الدعوى؛ لأنه ليس تصرفا في مال، بل استيجاب مال، ولا نعلم فيه خلافا.
فإذا ادعى على غيره بمال، فإن اعترف المدعى عليه، أو قامت له البينة، ثبت له المال، وتعلق به حق الغرماء. وإن أنكر ولا بينة فإن حلف، برئ، وسقطت الدعوى.
ولو أقام المفلس شاهدا واحدا بدعواه، فإن حلف مع شاهده، جاز، واستحق المال، وتعلق به حق الغرماء. وإن امتنع، لم نجبره على اليمين؛ لأنا لا نعلم صدق الشاهد، ولو علمناه، يثبت الحق بشهادته من غير يمين، فلا نجبره على الحلف على ما لا نعلم صدقه. ولأنه تكسب، وليس واجبا عليه.
ولم يحلف الغرماء مع الشاهد عندنا - وهو الجديد للشافعي، وبه قال أحمد (2) - لأنه لا يجوز للإنسان أن يحلف ليثبت بيمينه ملكا لغيره حتى يتعلق حقه به، كما لا يجوز للزوجة أن تحلف لإثبات مال لزوجها وإن كان إذا ثبت، تعلقت نفقتها به.