المسلم وجهان، إن اعتبروا بما أدى، لم يرجع بشيء، وإن اعتبروا بما أسقط، يرجع بالدين (1).
والوجه عندي: أن المضمون عنه يؤدي أقل الأمرين من قيمة الخمر عند مستحليه، ومن الدين الذي ضمنه.
مسألة 543: لو ضمن الضامن ضامن آخر، انتقل المال من ذمة الضامن الأول إلى ذمة الثاني، وسقطت مطالبة المضمون له عن الأصيل والضامن الأول عند علمائنا وجماعة تقدم (2) ذكرهم.
وقال أكثر العامة: لا ينتقل، بل تبقى الذمم الثلاث مشتركة، ويصح الضمان؛ لأن الحق ثابت في ذمة الضامن، كما هو ثابت في ذمة الأصيل، فإذا جاز أن يضمن عن الأصيل جاز أن يضمن عن الضامن (3).
لا يقال: الضمان وثيقة على الحق، فلا يجوز أن يكون له وثيقة، كما لا يجوز أن يأخذ رهنا بالرهن.
لأنا نقول: الفرق: أن الضمان حق ثابت في الذمة، والرهن حق متعلق بالعين، والرهن لا يصح بحق متعلق بالعين، فافترقا.
فإن أدى الثاني، فرجوعه على الضامن الأول كرجوع الضامن الأول على الأصيل، فيراعى الإذن وعدمه.
وإذا لم يكن له الرجوع على الأول، لم يثبت بأدائه الرجوع للأول على الأصيل؛ لأن الضامن إنما يرجع بما أدى وغرم، والضامن الأول لم يغرم شيئا، فلا يكون له مطالبته بشيء.