ويحمل قولهم: " إنه (1) معسر " على أنهم وقفوا على تلف المال.
فإن ادعى المديون أنه معسر لا شيء له، أو قسم مال المحجور على الغرماء وبقي بعض الدين فزعم أنه لا يملك شيئا آخر وأنكر صاحب الدين أو الغرماء إعساره، فإن كان الدين لزمه في مقابلة مال - كما إذا ابتاع أو استقرض، أو باع سلما - فهو كما لو ادعى هلاك المال، فعليه البينة. وإن لزم لا في مقابلة مال، قبل قوله مع اليمين؛ لأن الأصل العدم، وهو أصح وجوه الشافعية.
والثاني: أنه لا يقبل، ويحتاج إلى البينة؛ لأن الظاهر من حال الحر أنه يملك شيئا، قل أم كثر.
والثالث: أنه إن لزمه باختياره - كالصداق والضمان - لم يقبل قوله، وعليه البينة. وإن لزمه لا باختياره - كأرش الجناية وغرامة المتلف - قبل قوله مع اليمين؛ لأن الظاهر أنه لا يشغل ذمته اختيارا، ولا يلتزم بما لا يقدر عليه (2).
مسألة 316: إذا ادعى المديون الإعسار وكان أصل الدعوى مالا، أو كان له مال فادعى تلفه، افتقر إلى البينة؛ لأن الأصل بقاء المال في يده، فإذا ادعى خلاف الأصل، كان عليه البينة. فإن لم تكن بينة، حلف الغرماء على عدم التلف. فإذا حلفوا، حبس.
قال ابن المنذر: أكثر من يحفظ عنه العلم من علماء الأمصار وقضاتهم يرون الحبس في الدين، منهم: مالك والشافعي وأبو عبيد