المضمون عنه بما أداه، عند علمائنا كافة - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وابن المنذر وأحمد في إحدى الروايتين (1) - لحديث علي (عليه السلام) وأبي قتادة (2)، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) صلى على الميتين بعد ضمانهما ما عليهما، ولو كان لهما الرجوع لما صلى؛ لبقاء الدين في ذمتهما. ولأنه (صلى الله عليه وآله) قال:
" الآن بردت جلده عن النار " (3) ولو بقي الدين لما حصل التبريد. ولأنه لو بقي الدين لما قال لعلي (عليه السلام): " جزاك الله عن الإسلام خيرا، فك الله رهانك كما فككت رهان أخيك " (4) ولولا براءة الذمة لما حصل فك الرهان.
ولأنه تبرع بذلك، فلا يرجع عليه، كما لو علف دوابه وأطعم عبيده بغير إذنه.
وقال مالك وأحمد في الرواية الثانية: إنه يرجع بما أدى - وهو قول عبيد الله بن الحسن وإسحاق - لأنه قضاء مبرئ من دين واجب، فكان من ضمان من هو عليه، كالحاكم إذا قضاه عنه عند امتناعه. ولأن الضمان بغير إذنه صحيح، فإذا لزمه الدفع عنه، رجع عليه، كما لو كان بأمره (5).