الحقوق حقوقهم، ولو لم تقدم لم يرغب أحد في تلك الأعمال، وحصل الضرر بالمفلس والغرماء.
وهذا كله إذا لم يوجد متطوع بذلك، ولا في بيت المال سعة له، فإن وجد متطوع أو كان في بيت المال سعة، لم يصرف مال المفلس إليها.
مسألة 283: شرطنا في التصرف - الذي يمنع المفلس منه - كونه مبتدأ، كالابتداء بالبيع والصدقة والوقف والكتابة والهبة، أما ما ليس بمبتدأ فإنه لا يمنع منه، فلو اشترى قبل الحجر شيئا ثم اطلع على عيبه بعد الحجر، فله الرد بالعيب إن كانت الغبطة في الرد؛ لأنه ليس ابتداء تصرف، بل هو من أحكام البيع السابق ولواحقه، والحجر لا يمنع من الأحكام السابقة عليه، وليس ذلك كما لو باع مع الغبطة؛ لأن ذلك تصرف مبتدأ، والفسخ ليس تصرفا مبتدأ، فافترقا.
فإن منع من الرد بالعيب السابق تصرف أو عيب حادث، لزم الأرش، ولم يملك المفلس إسقاطه؛ لأنه تصرف في مال وجب له بالإتلاف إلى غير عوض، وهو ممنوع من الإتلاف بالعوض فبغيره أولى.
ولو كانت الغبطة في ترك الرد بأن كان قيمته مع العيب أكثر من ثمن المثل، لم يكن له الرد؛ لما فيه من تفويت المال بغير عوض.
وكذا المريض لو اشترى حال صحته شيئا ثم وجد عيبه في مرضه فأمسكه والغبطة في الرد، كان المقدار الذي ينقصه العيب معتبرا من الثلث.
وكذا ولي الطفل إذا وجد ما اشتراه للطفل معيبا وكانت الغبطة في إبقائه، لم يكن له الرد.
ويثبت في هذه المواضع كلها الأرش؛ لأنا لا نشترط في وجوب الأرش امتناع الرد.