ولكن مات الشهود أو غابوا، ثبت له الرجوع على الأصيل؛ لاعترافه بأن الضامن أتى بما عليه من الإشهاد والتوثيق، والموت والغيبة ليسا إليه، وهو قول الشافعي (1).
ونقل الجويني وجها بعيدا: أنه لا يرجع؛ إذ لم ينتفع بأدائه، فإن القول قول رب المال في نفي الاستيفاء (2).
ولو ادعى الضامن الإشهاد، وأنكر الأصيل الإشهاد، فالقول قول الأصيل مع اليمين؛ لأصالة عدم الإشهاد، وهو أصح وجهي الشافعية.
والثاني: أن القول قول الضامن؛ لأن الأصل عدم التقصير. ولأنه قد يكون صادقا، وعلى تقدير الصدق يكون منعه من الرجوع إضرارا، فليصدق؛ للضرورة، كما يصدق الصبي في دعوى البلوغ؛ إذ لا يعرف إلا من جهته (3).
ولو قال: أشهدت فلانا وفلانا، وكذباه، فهو كما لو لم يشهد.
ولو قالا: لا ندري وربما نسيناه، احتمل تصديقه وتكذيبه.
ولو أقام بينة على الشاهدين بأنهما أقرا بالشهادة، فالأقوى: السماع.
وإذا لم يقم بينة على الأداء وحلف رب المال، بقيت مطالبته بحالها، فإن أخذ المال من الأصيل، فذاك. وإن أخذه من الضامن مرة أخرى، لم يرجع بهما؛ لأنه مظلوم بإحداهما، فلا يرجع إلا على من ظلمه.
وفي قدر رجوعه للشافعية وجهان:
أحدهما: أنه لا يرجع بشيء، أما بالأول (4): فلأنه قصر عند أدائه بترك الإشهاد. وأما بالثاني (5): فلاعترافه بأنه مظلوم به.
والأظهر عندهم: أنه يرجع؛ لأنه غرم لإبراء ذمته (6).