فلا حاجة به إلى إقامة البينة، ألا ترى أن المحال عليه لو دفع إليه، لم يكن لصاحب الدين مطالبته بشيء؛ لأن حق المطالبة قد سقط عنه بالبينة.
ولو ادعى رجل على رجل أنه أحاله عليه فلان الغائب، وأنكر المدعى عليه، فإن القول قوله مع اليمين، فإن أقام المدعي البينة، ثبتت في حقه وحق الغائب؛ لأن البينة يقضى بها على الغائب.
تذنيب: لو قال صاحب الدين لمن لا دين له عليه: قد أحلتك بالدين الذي لي على فلان فاقبضه منه، كان ذلك وكالة عبر عنها بلفظ الحوالة، فلو مات المحيل، بطلت؛ لأنها وكالة، وكان لورثة المحيل قبض المال.
وكذا لو جن، كان للحاكم المطالبة بالمال.
مسألة 638: الحوالة عند أبي حنيفة ضربان:
مطلقة بأن يقول المحيل للمحتال: أحلتك بالألف التي لك علي على فلان، سواء كان له على فلان ألف أو لم يكن، وإذا قبل فلان الحوالة، لزمت، ويبرأ المحيل، إلا إذا مات المحال عليه مفلسا لم يدع مالا ولا كفيلا، وإذا جحد المحال عليه الحوالة ولا بينة، فيحلف، فيرجع على المحيل في هاتين الصورتين.
ومقيدة بأن يقول المحيل: أحلتك على فلان بالألف التي لك علي على أن يؤديها من الوديعة التي لي عنده، أو من المال الذي لي عليه، وإذا قبل فلان، برئ المحيل من دين المحتال، فلو قال: أحلتك بالألف التي لي على فلان، فمات فلان مفلسا أو جحد المحال عليه الحوالة ولا بينة، بطلت الحوالة، وعاد دين المحتال على المحيل (1).