ولو ثبت له الرجوع على الأول فرجع عليه، كان للأول الرجوع على الأصيل إذا وجد شرط الرجوع.
ولو أراد الثاني أن يرجع على الأصيل ويترك الأول، فإن كان الأصيل قد قال له: اضمن عن ضامني، ففي رجوعه عليه للشافعية وجهان (1)، كما لو قال الإنسان: أد ديني، فأدى، وليس هذا كقول القائل لغيره: اقض دين فلان، ففعل، حيث لا يرجع على الآمر؛ لأن الحق لم يتعلق بذمته.
وإن لم يقل له: اضمن عن ضامني، فإن كان الحال بحيث لا يقتضي رجوع الأول على الأصيل، لم يرجع الثاني عليه.
وإن كان يقتضيه، فكذلك على أصح الوجهين عندهم؛ لأنه لم يضمن عن الأصيل (2).
والوجه عندي: أنه ليس للثاني أن يرجع على الأصيل على كل تقدير، إلا أن يقول: اضمن عن ضامني ولك الرجوع علي.
ولو ضمن الثاني عن الأصيل أيضا، لم يصح الضمان عندنا إن ضمن للمضمون له؛ إذ لا مطالبة للمضمون له، فيكون في الحقيقة ضمان ما لم يجب، ولا يتحقق سبب الوجوب. وإن ضمن للضامن، فالأقوى:
الجواز؛ لوجود سبب الوجوب.
وعند أكثر العامة يصح ضمان الثاني عن الأصيل؛ لشغل ذمته وذمة الضامن الأول معا، فتتشارك الذمم الثلاث في الشغل، فحينئذ لا يرجع أحد الضامنين على الآخر، وإنما يرجع المؤدي على الأصيل (3).