ثم ينظر فإن كان المقبوض باقيا، فعليه تسليمه.
وهل للقابض مطالبة المحيل؟ الوجه: ذلك؛ لأنه إن كان وكيلا، فحقه باق على المديون. وإن كان محتالا، فقد استرجع المحيل ماله منه ظلما، فلا وجه لتضييع حقه، وبه قال أكثر الشافعية (1).
وقال بعضهم: ليس للقابض مطالبة المحيل بحقه؛ لاعترافه ببراءة المديون بدعوى الحوالة (2).
وليس شيئا.
هذا كله من حيث الظاهر، فأما فيما بينه وبين الله تعالى فإنه إذا لم يصل إلى المحتال حقه من المحيل، فله إمساك المأخوذ؛ لأنه ظفر بجنس حقه من مال المديون، والمديون ظالم له.
وإن كان المقبوض تالفا، فإن لم يكن بتفريط من القابض، احتمل أن لا يضمن؛ لأنه وكيل بقول المحيل، والوكيل أمين، وليس للقابض مطالبة المديون بحقه؛ لأنه قد استوفاه بزعمه وهلك عنده.
ويحتمل الضمان؛ لأنه وكيل بحلف المحيل، وتثبت وكالته، والوكيل إذا أخذ المال لنفسه، ضمن.
وإن كان المحتال لم يقبض من الثالث شيئا، فليس له القبض بعد حلف المحيل؛ لأن الحوالة قد اندفعت بيمين المحيل، وصار المحتال معزولا عن الوكالة بإنكاره.
وللمديون أن يطالب الثالث بما كان له عليه، وللمحتال مطالبة المديون بحقه، وهو أحد وجهي الشافعية.