والرشد. ولأنه غير مكلف فأشبه غير المميز. ولأن العقل لا يمكن الوقوف عليه على الحد الذي يصلح به التصرف والذي لا يصلح؛ لخفائه وتزايده إلى وقت البلوغ على التدريج، والمراتب خفية في الغاية، فجعل الشارع له ضابطا، وهو البلوغ، فلا تثبت له أحكام العقلاء قبل وجود المظنة.
وقال أبو حنيفة وأحمد في الرواية الأخرى: يجوز بيع المميز وشراؤه وتصرفه بإذن الولي؛ لقوله تعالى: ﴿وابتلوا اليتامى﴾ (1) أي اختبروهم ليعلم رشدهم، وإنما يتحقق اختبارهم بتفويض التصرف إليهم من البيع والشراء وغيرهما ليعلم هل بلغ حد الرشد أم لا؟ ولأنه عاقل مميز محجور عليه، فصح تصرفه بإذن الولي، بخلاف غير المميز، فإنه لا يصلح تحصيل المصلحة بتصرفه؛ لعدم تميزه وعدم معرفته، ولا حاجة إلى اختباره؛ لأنه قد علم حاله (2).
وقد بينا الخلاف في أن الاختبار هل هو قبل البلوغ أو بعده؟ فإن قلنا: إنه بعد البلوغ، فلا بحث. وإن قلنا: إنه قبله، قلنا: المراد المساومة والمماكسة، فإذا وقف الحال على شيء، باع الولي وباشر العقد بيعا وشراء دون الصبي، وبهذا يحصل الاختبار، والعقل غير معلوم السمة له، وإنما يعلم بما ضبطه الشارع علامة عليه، وهو البلوغ، كالمشقة المنوطة بالمسافة.
تذنيب: قال أبو حنيفة: لو تصرف الصبي المميز بالبيع والشراء وشبههما، صح تصرفه، ويكون موقوفا على إجازة الولي، وأما غير المميز فلا يصح تصرفه، سواء أذن الولي أو لا؛ لسلب أهليته عن مباشرة