مسألة 389: لو كان عليه ديون حالة ومؤجلة، فقد قلنا: إن المؤجلة لا تحل بالحجر عليه، فإذا كانت أمواله تقصر عن الحالة فطلبوا القسمة، قسم ماله عليها خاصة، فإن تأخرت القسمة حتى حلت المؤجلة، شارك الغرماء، كما لو تجدد على المفلس دين بجناية.
ولو حل الدين بعد قسمة بعض المال، شاركهم في الباقي، وضرب بجميع ماله، وضرب باقي الغرماء ببقية ديونهم. ولو مات وعليه دين مؤجل، حل أجل الدين عليه. وسيأتي إن شاء الله تعالى.
مسألة 390: قد ذكرنا أن المفلس محجور عليه في التصرفات المالية، فلو أعتق بعض عبده، لم ينفذ عتقه - وبه قال مالك وابن أبي ليلى والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين (1) - لأنه تبرع، وهو ممنوع منه بحق الغرماء، فلم ينفذ عتقه، كالمريض المستغرق دينه ماله. ولأنه محجور عليه، فلم ينفذ عتقه، كالسفيه.
وقال أبو يوسف وأحمد - في الرواية الأخرى - وإسحاق: إنه ينفذ عتقه؛ لأنه مالك رشيد، فينفذ، كما قبل الحجر، بخلاف سائر التصرفات؛ لأن للعتق تغليبا وسراية (2).
والفرق بين ما بعد الحجر وقبله ظاهر؛ لتعلق حق الغرماء في الثاني، دون الأول، وتعلق حق الغير يمنع من نفوذ العتق، كالرهن، والسراية من شرطها الإيسار حتى يؤخذ منه قيمة نصيب شريكه ولا يتضرر، ولو كان معسرا، لم ينفذ عتقه، إلا في ملكه؛ صيانة لحق الغير وحفظا له عن الضياع، فكذا هنا.