وإن كان فقيرا، جاز أن يأخذ إجماعا.
وفي قدره خلاف، الأقرب: أن نقول: يستحق أجرة المثل؛ لما تقدم، لكن يستحب له أن يأخذ أقل الأمرين من أجرة المثل وقدر الكفاية؛ لقوله تعالى: ﴿ومن كان غنيا فليستعفف﴾ (1) وبحصول الكفاية يحصل الاستغناء.
وقال الشافعي: إن كان فقيرا وانقطع بسببه من الاكتساب، فله أخذ قدر النفقة (2).
وقال بعض أصحابنا (3): يأخذ أقل الأمرين من قدر النفقة وأجرة المثل - وبه قال أحمد (4) - لأنه يستحقه بالعمل والحاجة جميعا، فلم يجز له أن يأخذ إلا إذا وجدا فيه.
فإذا أكل منه ذلك القدر ثم أيسر، فإن كان أبا، لم يلزمه عوضه عنده رواية واحدة؛ لأن للأب أن يأخذ من مال ولده ما شاء مع الحاجة وعدمها (5).
وإن كان غير الأب، فهل يلزمه عوض ذلك؟ له روايتان:
إحداهما: لا يلزمه - وبه قال الحسن البصري والنخعي والشافعي في أحد القولين - لأن الله تعالى أمر بالأكل من غير ذكر عوض، فأشبه سائر ما أمر بأكله. ولأنه عوض عن عمل فلم يلزمه بدله، كالأجير والمضارب.