وفيه قول آخر مع تفريعنا على أن ضمان ما لم يجب باطل؛ لأن سبب وجوب النفقة ناجز، وهو النكاح (1).
وفيه إشكال؛ لأن سبب وجوب النفقة إما النكاح أو التمكين في النكاح، فإن كان الأول، فالنفقة واجبة، فكيف قال: ولم تجب!؟ وإن كان الثاني، فالسبب غير موجود.
مسألة 504: قد بينا أن ضمان نفقة المدة المستقبلة للزوجة باطل.
وعلى قول الشافعي بالجواز يشترط أمران:
أحدهما: أن يقدر المدة، فلو أطلق لم يصح فيما بعد الغد. وفي الغد وجهان أخذا من الخلاف فيما إذا قال: آجرتك كل شهر بدرهم، ولم يقدر، هل يصح في الشهر الأول؟ قولان.
الثاني: أن يكون المضمون نفقة المعسرين وإن كان المضمون عنه موسرا أو متوسطا؛ لأنه ربما يعسر، فالزائد على نفقة المعسر غير ثابت؛ لأنه يسقط بالعسر (2).
وقال بعض الشافعية: إنه يجوز ضمان نفقة الموسرين والمتوسطين؛ لأن الظاهر استمرار حاله (3).
وأما نفقة القريب للمدة المستقبلة فإنها عندنا أولى بالبطلان؛ لعدم وجوبها، وبه قال الشافعي (4).
أما نفقة اليوم، فالأقرب: جواز ضمانها؛ لوجوبها بطلوع الفجر.
وللشافعي وجهان، أحدهما: أنه لا يصح (5).
والفرق بينها وبين نفقة الزوجة: أن سبيل هذه النفقة سبيل البر والصلة، لا سبيل الديون، ولهذا تسقط بمضي الزمان وضيافة الغير، ونفقة الزوجة نفقة معاوضة، فسبيلها سبيل الديون.