فالمقصود منه الإسقاط. فإن اعتبرنا القبول، ارتد بالرد. وإن لم نعتبره، ففي ارتداده بالرد وجهان للشافعية (1).
وعندنا أنه لا يرتد.
واحتج بعض الشافعية على أن الإبراء تمليك: بأنه لو قال للمديون:
ملكتك ما في ذمتك، صح وبرئت ذمته من غير نية وقرينة، ولولا أنه تمليك لافتقر إلى نية أو قرينة، كما إذا قال لعبده: ملكتك رقبتك، أو لزوجته: ملكتك نفسك، فإنه يحتاج عندهم إلى النية (2).
ولا يتأتى ذلك على مذهبنا؛ لأن العتق والطلاق لا يقعان بالكناية، وإن الإبراء عندنا إسقاط محض، ولا يعتبر فيه رضا المبرىء، ولا أثر لرده.
تذنيب: لو اغتاب شخص غيره ثم جاء إليه فقال: إني اغتبتك فاجعلني في حل، ففعل وهو لا يدري بم اغتابه، فللشافعية وجهان:
أحدهما: أنه يبرأ؛ لأن هذا إسقاط محض، فصار كما لو عرف أن عبدا قطع عضوا من عبده ولم يعرف عين العضو المقطوع فعفا عن القصاص، يصح.
والثاني: لا يصح؛ لأن المقصود حصول رضاه، والرضا بالمجهول لا يمكن، بخلاف مسألة القصاص؛ لأن العفو عن القصاص مبني على التغليب والسراية، وإسقاط المظالم غير مبني عليه (3).
مسألة 514: إذا منعنا من ضمان المجهول، فلو قال: ضمنت ما لك على فلان من درهم إلى عشرة، فالأقوى: الصحة؛ لأن ضمان المجهول إذا أبطلناه فإنما كان باطلا؛ لما فيه من الغرر، ومع بيان الغاية ينتفي الغرر،