فإن قلنا: لا يرجع المشتري عليه قبل أن يقبض، فله مطالبته بتحصيل مال الحوالة ليرجع عليه؛ لأن البائع إنما ملك مطالبة المحال عليه من جهته، فكيف يمنعه من المطالبة مطلقا!؟
وفيه للشافعية وجه بعيد: أنه لا يملك المطالبة بالتحصيل أيضا (1).
وإن قلنا: تبطل الحوالة، فإن كان قد قبض المال من المحال عليه، فليس له رده عليه؛ لأنه قبضه (2) بإذن المشتري، ولو رد لم تسقط مطالبة المشتري عنه، بل حقه الرد على المشتري ويبقى حقه فيما قبضه، وإن كان تالفا، فعليه بدله.
وإن لم يكن قبضه، فليس له قبضه؛ لأنه عاد إلى ملك المشتري كما كان، ولو خالف وقبض، لم يقع عنه.
وهل يقع عن المشتري؟ وجهان:
أحدهما: يقع؛ لأنه كان مأذونا في القبض بحقه (3)، فإذا بطلت تلك الجهة، بقي أصل الإذن.
وأصحهما: المنع؛ لأن الحوالة قد بطلت، والوكالة عقد آخر يخالفها، فإذا بطل عقد، لم ينعكس عقدا آخر (4).
وقد قرب بعضهم هذا الخلاف من الخلاف في أن من يحرم بالظهر قبل الزوال هل تنعقد صلاته نفلا؟ (5).