القولان، والمذهب: أنها لا تبطل قطعا، وبه قطع الجمهور، سواء قبض المحتال مال الحوالة، من المشتري، أم لا. والفرق، أن هنا تعلق الحق بثالث، فإذا القولان مخصوصان بالصورة الأولى، فنفرع عليهما. فإن لم نبطلها، لم يطالب المشتري المحال عليه بحال، بل يرجع على البائع فيطالبه إن كان قبض مال الحوالة، ولا يتعين حقه في ما أخذ، بل له إبداله. وإن لم يقبضه، فله قبضه. وهل للمشتري الرجوع عليه قبل قبضه لكون الحوالة كالمقبوض، أم لا، لعدم حقيقة القبض؟
وجهان. أصحهما: الثاني. فعلى هذا له مطالبته بتحصيل القبض ليرجع عليه.
وفي وجه: لا يملك مطالبته بالتحصيل أيضا، وهو شاذ ضعيف. وأما إذا أبطلنا الحوالة، فإن كان قبض من المحال عليه، فليس له رده عليه، لان قبضه بإذن المشتري. فلو رد، لم يسقط عنه مطالبة المشتري، بل يلزمه الرد على المشتري، ويتعين حقه فيما قبضه. فإن كان تالفا، لزمه بدله، وإن لم يكن قبضه، فليس له قبضه، لأنه عاد إلى ملك المشتري كما كان فلو خالف وقبض، لم يقع عنه وفي وقوعه عن المشتري، وجهان. أحدهما: يقع، لبقاء الاذن. وأصحهما: لا، لعدم الحوالة والوكالة، ولأنه إنما يقبض لنفسه، ولم يبق له حق، بخلاف ما إذا فسدت الشركة والوكالة، فإن التصرف يصح، لبقاء الاذن، لكن التصرف يقع للموكل. أما في صورة إحالة البائع على المشتري، إذا قلنا بالمذهب: إنها لا تبطل، فإن كان المحتال قبض من المشتري، رجع المشتري على البائع، وإن لم يقبض، فهل للمشتري الرجوع في الحال، أم لا يرجع إلا بعد القبض؟ فيه الوجهان السابقان.
فرع قال ابن الحداد: إذا أحالها بصداقها، ثم طلقها قبل الدخول، لم تبطل الحوالة، وللزوج مطالبتها بنصف المهر. قال من شرح كتابه: المسألة تترتب على ما إذا أحال المشتري البائع. فإن لم تبطل هناك، فهنا أولى، وإلا ففي بطلانها في نصف الصداق، وجهان. والفرق أن الطلاق سبب حادث، لا يستند إلى ما تقدم، بخلاف الفسخ، ولان الصداق أثبت من غيره. ولو أحالها ثم انفسخ النكاح بردتها، أو بفسخ أحدهما بعيب، لم تبطل الحوالة على الأصح أيضا، ويرجع الزوج عليها في صورة الطلاق بنصف الصداق، وبجميعه في الردة والفسخ. وإذا قلنا بالبطلان، فليس له مطالبة المحال عليه، ويطالب الزوج بالنصف في الطلاق.