وله قول آخر: إنها تبطل (1).
ولأصحاب الشافعي في ذلك ثلاثة طرق، أظهرها عندهم: أن في بطلان الحوالة قولين، أظهرهما: البطلان.
وهما مبنيان على أن الحوالة استيفاء أو اعتياض؟
إن قلنا: إنها استيفاء، بطلت وانقطعت؛ لأن الحوالة على هذا التقدير نوع إرفاق ومسامحة، فإذا بطل الأصل، بطلت هيئة الإرفاق، التابعة له، كما لو اشترى شيئا بدراهم مكسرة وتطوع بأداء الصحاح ثم رده بالعيب، فإنه يسترد الصحاح، ولا يقال: يطالب بمثل المكسرة ليبقى التبرع بصفة الصحة.
وإن قلنا: إنها اعتياض، لم تبطل، كما لو استبدل عن الثمن ثوبا ثم رد المبيع بالعيب، فإنه لا يبطل الاستبدال، بل يرجع بمثل الثمن. على أن بعض الشافعية منع هذه المسألة، وجعلها كمسألة الحوالة.
والطريق الثاني: القطع بالبطلان.
والثالث: القطع بعدم البطلان.
وقد تأول أصحاب الطريقين الأخيرين، وجمعوا بين قولي المزني بوجوه:
أحدها: حمل قوله بالبطلان على ما إذا كان العيب لا يمكن حدوثه في يد المشتري، أو كان بحيث يمكن حدوثه، إلا أن البائع أقر بقدمه، وحمل قوله بالصحة على ما إذا ثبت قدمه بالبينة ورده.