من زيد، نص أنه يرجع على الغائب بنصف الألف. قال الجمهور هذا إذا لم يكن وجد من زيد تكذيب للبينة. فإن كان، لم يرجع، لأنه مظلوم بزعمه، فلا يطالب غير ظالمه، وهذا هو الأصح. وقال ابن خيران: يرجع وإن صرح بالتكذيب، لان البينة أبطلت حكم إنكاره.
فرع جميع ما سبق من رجوع المأذون له في الأداء، والضامن على الأصيل، مفروض فيما إذا أشهد على الأداء رجلين أو رجلا وامرأتين. فلو أشهد واحدا اعتمادا على أنه يحلف معه، أو أشهد مستورين، فبانا فاسقين، كفى ذلك على الأصح. ولا يكفي إشهاد من يعلم سفره عن قرب، لأنه لا يفضي إلى المقصود. أما إذا أدى بلا إشهاد، وأنكر رب المال، فإن أدى في غيبة الأصيل، فمقصر، فلا يرجع إن كذبه الأصيل قطعا، وكذا إن صدقه على الأصح.
وهل يحلف الأصيل إذا كذبه؟ قال في التتمة: يبنى على أنه لو صدقه، هل يرجع عليه؟ إن قلنا: نعم، حلفه على نفي العلم بالأداء، وإلا بني على أن النكول ورد اليمين، كالاقرار، أم كالبينة؟ إن قلنا: كالاقرار، لم يحلفه لان غايته أن ينكل فيحلف الضامن، فيكون كتصديقه، وذلك لا يفيد الرجوع. وإن قلنا:
كالبينة، حلفه طمعا في أن ينكل، ويحلف، فيكون كالبينة. ولو كذبه الأصيل وصدقه رب المال، رجع على الأصح، لسقوط المطالبة، فإنه أقوى من البينة. وأما إذا أدى بحضور الأصيل، فيرجع على الصحيح المنصوص. ولو توافق الأصيل والضامن على أنه أشهد، ولكن مات الشهود أو غابوا، ثبت الرجوع على الصحيح.
وقيل: لا، وهو شاذ ضعيف. ولو قال الضامن: أشهدت وماتوا، وأنكر الأصيل الاشهاد، فهل القول قول الأصيل، لان الأصل عدم الاشهاد، أو قول الضامن، لان الأصل عدم التقصير؟ وجهان. أصحهما: الأول. ولو قال: أشهدت فلانا وفلانا، فكذباه، فهو كما لو لم يشهد. ولو قالا: لا ندري وربما نسينا، ففيه تردد للامام. ومتى لم تقم بينة بالأداء، وحلف رب المال، بقيت مطالبته