للضمان؛ لأن البينة أبطلت حكم إنكاره، فكأنه لم ينكره.
وهذا كما لو اشترى عينا فادعى آخر أنها ملكه وأن بائعها غصبها منه، فقال المشتري في جوابه: إنها ملك بائعي وليس لك فيها حق، وإنها اليوم ملكي، فأقام المدعي البينة، فإن المشتري يرجع على البائع وإن أقر له بالملك.
وكذا لو باع عينا على رجل وادعى على آخر أنه ضمن الثمن عن المشتري وأقام على ذلك بينة وأخذ الثمن من الضامن، يرجع الضامن على الأصيل.
واعترض بعض الشافعية: بأن البينة إنما تقام عند الإنكار، وإذا أنكر كان مكذبا للبينة زاعما أن صاحب المال ظالم فيما أخذ منه، فكيف يرجع على الأصيل بما ظلمه به والمظلوم إنما يرجع على ظالمه!؟ (1).
والجواب: نمنع أن البينة إنما تقام عند الإنكار، بل يجوز أن يقر الضامن وتقام البينة للإثبات على الأصيل.
سلمنا أنه لم يقر، لكن البينة لا تستدعي الإنكار بخصوصه، بل يكفي الإنكار وما يقوم مقامه كالسكوت، فربما كان ساكتا.
سلمنا استدعاءها الإنكار، لكنها لا تستدعي الإنكار منه بخصوصه، بل يكفي صدور الإنكار من وكيله في الخصومات، فلعل البينة أقيمت في وجه وكيله المنكر.
سلمنا أنه أنكر، لكنه ربما أنكر الضمان وسلم البيع، وهذا الإنكار لو منع لكان مانعا للرجوع بجهة غرامة المضمون.
وجائز أن يكون هذا الرجوع باعتبار أن المدعي ظلمه بأخذ ما على الأصيل منه، وللظالم مثل المأخوذ على الغائب، فيأخذ حقه مما عنده.