وقال أبو العباس ابن القاص: نص الشافعي في الإملاء على أنها تفتقر إلى رضا المحال عليه - وإليه ذهب أبو سعيد الإصطخري من الشافعية - لأنه أحد من تتم به الحوالة، فأشبه المحتال والمحيل. ولأن الناس يختلفون في الاقتضاء والاستيفاء سهولة وصعوبة. ولأن الأصل بقاء الحق في ذمة المحال عليه للمحيل، فيستصحب إلى أن يظهر المعارض.
وأصح القولين عند الشافعي: أنه لا يعتبر رضا المحال عليه إذا كانت الحوالة على من عليه دين للمحيل - وبه قال مالك وأحمد - لأن المحيل أقام المحتال مقام نفسه في القبض بالحوالة، فلم يفتقر إلى رضا من عليه الحق، كما لو كان وكيلا في قبضه، بخلاف المحتال، فإنه ينتقل حقه، وتبرأ ذمته منه. ولأن المحال عليه محل الحق والتصرف، فلا يعتبر رضاه، كما لو باع عبدا، لا يعتبر رضاه (1).
وبنوا الوجهين على أن الحوالة اعتياض أو استيفاء؟ إن قلنا بالأول، فلا يشترط؛ لأنه حق للمحيل، فلا يحتاج فيه إلى رضا الغير. وإن قلنا بالثاني، يشترط؛ لتعذر إقراضه من غير رضاه (2).
وإن كانت الحوالة على من لا دين عليه، لم تصح عند الشافعي إلا برضا المحال عليه؛ لأنا لو صححناه، لألزمناه قضاء دين الغير قهرا. وإن رضي، ففي صحة الحوالة وجهان بناهما الجمهور على الأصل المذكور (3).