استوفى ما كان له على المحيل وأقرضه المحال عليه؛ لأنها لو كانت معاوضة، لجاز أن يحيل بالشيء على أكثر منه أو أقل.
وأظهرهما عندهم: أنها بيع؛ لأنها تبديل مال بمال، فإن كل واحد من المحيل والمحتال يملك بها ما لم يملكه قبلها، وهذا هو حقيقة المعاوضة، وليس فيها استيفاء ولا إقراض محقق، فلا يقدران (1).
وقد بينا عندنا ما في هذا القول.
وعلى تقديره هي بيع ماذا بأي شيء؟ للشافعية وجهان:
أحدهما: أنها بيع عين بعين، وإلا لبطلت؛ للنهي عن بيع الدين بالدين.
وكأن هذا القائل نزل الدين على الشخص منزلة استحقاق منفعة تتعلق بعينه، كالمنافع في إجارات الأعيان. وهذا غير معقول.
والثاني - وهو المعقول -: أنها بيع الدين بالدين، فإن حق الدين لا يستوفى من عين الشخص، ولغيره أن يؤديه عنه.
واستثني هذا العقد عن النهي؛ لحاجة الناس إليه مسامحة وإرفاقا، ولهذا المعنى لم يعتبر فيه التقابض، كما في القرض، ولم يجز فيه الزيادة والنقصان؛ لأنه ليس بعقد مماكسة، كالقرض (2).
وقال الجويني وشيخه: لا خلاف في اشتمال الحوالة على المعنيين:
الاستيفاء، والاعتياض، والخلاف في أيهما أغلب؟ (3).
وكل هذه تمحلات لا فائدة تحتها، ولا دليل عليها.