وهو جاهل به، لان معرفته متيسرة. أما إذا قال: ضمنت لك شيئا مما لك على فلان، فباطل قطعا. والقولان في صحة ضمان المجهول يجريان في صحة الابراء عنه. وذكروا للخلاف في الابراء مأخذين. أحدهما: الخلاف في صحة شرط البراءة عن العيوب، فإن العيوب مجهولة الأنواع والاقدار. والثاني: أن الابراء هل هو اسقاط كالاعتاق؟ أم تمليك المديون ما في ذمته، ثم إذا ملكه سقط؟ وفيه رأيان. إن قلنا: اسقاط، صح الابراء عن المجهول. وإلا، فلا، وهو الأظهر.
ويتخرج على هذا الأصل مسائل. منها: لو عرف المبرئ قدر الدين ولم يعرفه المبرأ. إن قلنا: اسقاط، صح، وإلا فيشترط علمه كالمتهب. ومنها: لو كان له دين على هذا، ودين على هذا، فقال: أبرأت أحدكما. إن قلنا اسقاط، صح، وأخذ بالبيان. وإلا فلا، كما لو كان له في يد كل واحد عبد، فقال: ملكت أحدكما العبد الذي في يده. ومنها: لو كان لأبيه دين على رجل، فأبرأه منه وهو لا يعلم موت الأب، إن قلنا: إسقاط صح، كما لو قال لعبد أبيه: أعتقك، وهو لا يعلم موت الأب. إن قلنا: تمليك، فهو على الخلاف فيما لو باع مال أبيه على ظن أنه حي، فبان ميتا. ومنها: أنه لا يحتاج إلى القبول إن جعلناه اسقاطا، وإن جعلناه تمليكا، لم يحتج إليه على الصحيح المنصوص. فإن اعتبرنا القبول، ارتد بالرد، وإلا، فوجهان.
قلت: أصحهما: لا يرتد. والله أعلم.
وهذه المسائل، ذكرها في التتمة مع أخوات لها. واحتج للتمليك بأنه لو قال للمديون: ملكتك ما في ذمتك، صح وبرئت ذمته من غير نية وقرينة، ولولا أنه تمليك، لافتقر إلى نية أو قرينة، كما إذا قال لعبده: ملكتك رقبتك، أو لزوجته:
ملكتك نفسك، فإنه يحتاج إلى النية.
فرع لو اغتابه فقال اغتبتك، فاجعلني في حل ففعل، وهو لا يدري ما اغتابه به، فوجهان. أحدهما: يبرأ لأنه اسقاط محض، كمن قطع عضوا من عبد ثم عفا سيده عن القصاص، وهو لا يعلم عين المقطوع، فإنه يصح. والثاني: لا لان المقصود رضاه، ولا يمكن الرضى بالمجهول، ويخالف القصاص، فإنه مبني