وذكروا للخلاف في الإبراء مأخذين:
أحدهما: الخلاف في صحة شرط البراءة من العيوب، فإن العيوب مجهولة الأنواع والأقدار.
والثاني: أن الإبراء محض إسقاط، كالإعتاق، أو هو تمليك للمديون ما في ذمته، ثم إذا ملكه يسقط.
وفيه قولان إن قلنا: إنه إسقاط، صح الإبراء عن المجهول - كما ذهبنا نحن إليه - وبه قال أبو حنيفة ومالك. وإن قلنا: تمليك، لم يصح، وهو ظاهر مذهب الشافعي (1).
وخرجوا على هذا الأصل مسائل:
أ: لو عرف المبرىء قدر الدين ولم يعرفه المبرأ عنه، هل يصح أم لا؟ وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الوكالة.
ب: لو كان له دين على اثنين، فقال: أبرأت أحدكما، إن قلنا: إنه إسقاط، صح، وطولب بالبيان. وإن قلنا: تمليك، لم يصح، كما لو كان في يد كل واحد منهما ثوب، فقال: ملكت أحدكما الثوب الذي في يده.
ج: لو كان للأب دين على شخص فأبرأه الولد وهو لا يعلم موت أبيه، إن قلنا: إنه إسقاط، صح، كما لو قال لعبد أبيه: أعتقتك، وهو لا يعلم موت الأب. وإن قلنا: إنه تمليك، فهو كما لو باع مال أبيه على ظن أنه حي وهو ميت د: الإبراء إذا كان إسقاطا، لم يحتج إلى القبول، وهو ظاهر مذهب الشافعي. وإن قلنا: إنه تمليك، لم يحتج إليه أيضا؛ لأنه وإن كان تمليكا