وقال أبو حنيفة وأصحابه (1): لا يكون متبرعا بذلك، ويكون له الرجوع به؛ لأن الدين باق في ذمة المحيل من طريق الحكم وإن برئ في الظاهر؛ لأنه يرجع عليه (2) عند تعذره.
وهو غلط؛ لأنه لا يملك إبطال الحوالة وإسقاط حقه عن المحيل، فما يدفعه يكون متبرعا إذا كان بغير إذن من عليه [الدين] (3) كالأجنبي.
وما ذكروه فهو ممنوع وليس بصحيح أيضا؛ لأنه لو كان الحق باقيا في ذمته حكما، لملك مطالبته، كالمضمون عنه.
وإذا أحاله على من لا دين عليه وقلنا بصحة الحوالة إذا رضي المحال عليه، يكون للمحتال مطالبة المحال عليه، فإذا طالبه، كان له مطالبة المحيل بتخليصه، كالضامن يطالب المضمون عنه بتخليصه، فإن دفع بإذن المحيل، رجع.
وإن دفع بغير إذنه، احتمل الرجوع؛ لأن الحوالة تقتضي التسليط، فإذا سلطه عليه بالمطالبة، كان ضامنا لما يغرمه. ولأنه يكون في الحقيقة ضمانا بسؤاله.
ويحتمل عدمه؛ لأنه متبرع.
فإن ادعى المحيل أنه كان لي عليك ما أحلت به عليك، وأنكر المحال عليه ذلك، قدم قوله مع اليمين؛ لأصالة عدم ذلك.
ولو ضمن رجل عن رجل ألف درهم وأحال الضامن المضمون له على رجل - له عليه ألف - بالألف، وقبل الحوالة، برئ الضامن والمضمون عنه، كما قررناه أولا، ورجع الضامن على المضمون عنه إن كان ضمن