مذهب الشافعي أنه لا يرجع لأن أمره بالقضاء انصرف إلى ما وجب بضمانه ولنا أنه أدى دينه بأمره فرجع عليه كما لو لم يكن ضامنا أو كما لو ضمن بأمره وقولهم ان اذنه في القضاء انصرف إلى ما وجب بضمانه قلنا الواجب بضمانه إنما هو أداء دينه وليس هو شيئا آخر فمتى أداه عنه باذنه لزمه اعطاؤه بدله (الحال الرابع) ضمن بغير أمره وقضى بغير أمره ففيه روايتان (إحداهما) يرجع بما أدى وهو قول مالك وعبد الله بن الحسن وإسحاق (والثانية) لا يرجع بشئ وهو قول أبي حنيفة والشافعي وابن المنذر بدليل حديث علي وأبى قتادة فإنهما لو كانا يستحقان الرجوع على الميت صار الدين لهما فكانت ذمة الميت مشغولة بدينهما كاشتغالها بدين المضمون عنه ولم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه تبرع بذلك أشبه ما لو علف دوابه وأطعم عبيده بغير أمره. ووجه الأولى أنه قضاء مبرئ من دين واجب فكان من ضمان من هو عليه كالحاكم إذا قضاه عنه عند امتناعه فأما علي وأبو قتادة فإنهما تبرعا بالقضاء والضمان فإنهما قضيا دينه قصدا لتبرئة ذمته ليصلي عليه صلى الله عليه وسلم مع علمهما بأنه لم يترك وفاء والمتبرع لا يرجع بشئ وإنما الخلاف في المحتسب بالرجوع
(٨٨)