للمصلح لماله وإن كان فاسقا؛ لأنه قد وجد منه رشد. ولأن العدالة لا تعتبر في الرشد في الدوام، فلا تعتبر في الابتداء، كالزهد في الدنيا. ولأن هذا مصلح لماله، فأشبه العدل. ولأن الحجر عليه إنما كان لحفظ ماله عليه وحراسته عن التلف بالتبذير، فالمؤثر فيه ما أثر في تضييع المال، والفاسق وإن لم يكن رشيدا في دينه لكنه رشيد في ماله.
وينتقض قولهم بالكافر، فإنه غير رشيد في دينه، ولا يحجر عليه، كذا الفاسق. ولأنه لو طرأ الفسق على المسلم بعد دفع ماله إليه، لم يزل رشده، ولم يحجر عليه لأجل فسقه، ولو كانت العدالة شرطا في الرشد، لزال بزوالها، كحفظ المال.
ولا يلزم من منع قبول شهادته منع دفع ماله إليه، فإن المعروف بكثرة الغلط والغفلة والنسيان ومن لا يتحفظ من الأشياء المفضية إلى قلة المروءة - كالأكل في السوق، وكشف الرأس بين الناس، ومد الرجل عندهم، وأشباه ذلك - لا تقبل شهادته، وتدفع إليه أمواله (1) إجماعا.
إذا عرفت هذا، فإن الفاسق إن كان ينفق ماله في المعاصي - كشراء الخمور وآلات اللهو والقمار - أو يتوصل به إلى الفساد، فهو غير رشيد لا تدفع إليه أمواله إجماعا؛ لتبذيره لماله وتضييعه إياه في غير فائدة.
وإن كان فسقه لغير ذلك - كالكذب ومنع الزكاة وإضاعة الصلاة - مع حفظه لماله، دفع إليه ماله؛ لأن الغرض من الحجر حفظ المال، وهو يحصل بدون الحجر، فلا حاجة إليه.
وكذا لو طرأ الفسق الذي لا يتضمن تضييع المال ولا تبذيره، فإنه