كان انكاره لشبهة حصلت له، بناء على أن الحلف في صورة الاشتباه حرام واقعى وان كان الحالف معذورا في مرحلة الظاهر.
واما اذا قلنا ان المحرم هو الكذب العمدى والحلف كاذبا متعمدا بأن يكون العلم جزء للموضوع فلا بأس بالصلح المفروض، لعدم كون العوض حينئذ حراما، بل وكذا اذا احتمل المدعى ان يكون المنكر معذورا ومشتبها، كما أنه لا اشكال في صحته اذا لم يكن المدعى أيضا عالما بأن الحق له، وأن يكون دعواه اعتمادا على اصل من الاصول أو قاعدة اليد أو نحو ذلك أو كانت للتهمة، ولا يلزم أن يكون المدعى عالما بكون المنكر معذورا في الحكم بالصحة، بل له أن يحمل فعله على الصحة.
هذا وبالغ المحقق القمى في اجوبة مسائله في بطلان الصلح المفروض إلا في صورة علم المدعى بأن المنكر مشتبه، ولا يكفى مجرد احتماله، ثم أورد على نفسه بالنقض بالصلح عن حقه بشى، حيث إنهم ذكروا أنه يصح الصلح مع الاقرار والانكار، ومن المعلوم أن الحق مع أحدهما، فكيف يصح الصلح والحال أن الكاذب منهما لايستحق العوض؟!
وأجاب بالفرق بين المقامين، حيث إن في مسألة الصلح يحتمل كون الامر مشتبها على الذى لاحق له، فيحمل فعله على الصحة، والصحة ظاهرية وهى كافية، بخلاف مسئلتنا، حيث إن المدعى يريد من المنكر الحلف مطلقا، كاذبا كان او صادقا، ومع الكذب يكون حراما، ولا يجوز أن يجعل العوض المطلق الذى بعض افراده حرام. ألا ترى انه لايصح أن يجعل العوض مطلق شرب المايع اعم من الخمر والماء، أو مطلق اكل اللحم اعم من المذكى والميتة.
وفيه أنا نمنع كونه كذلك، اذ ليس العوض الحلف الاعم، فكما يحمل في الصلح فعلها على الصحة فكذا في المقام، والمفروض ان الصحة الظاهرية كافية فلا فرق بين المقامين من هذه الحيثية، نعم يمكن الفرق بأن في مسألة الصلح لايحرم على المعطى بغير الحق الاعطاء وانما يحرم على القابض، بخلاف مسألة الحلف فانه يحرم على المعطى للعوض وهو المنكر الحالف، ولا يمكن ان يستحق عليه فعلا محرما عليه، وفى مسألة الصلح يستحق الكاذب على الاخر ماليس في حد نفسه حراما، والحرمة الواقعية مع الجهل بها لا تضر، والمفروض حمل فعله على الصحة في الظاهر.