ب - أن يكون وقفا على الجهة العامة، من دون أن يكون الموقوف عليهم مالكا على المنفعة بل مالكا على الانتفاع، كما ربما يعتبر تملك الانتفاع، بمعنى أن الوقف على تلك الجهة، كما أنه ملك لهم مضيقا فكذلك ملكهم المنفعة أيضا مضيق، بمعنى أنهم مالكون بمنفعة خاصة أي السكن مثلا، وإلا فلا معنى للملك على الانتفاع، إذ لا معنى لمالكية الانسان على فعله بخلافه في القسم المتقدم، فإنهم مالكون بالمنفعة مطلقا وملكا طلقا، بحيث لهم بيع تلك المنفعة وهبتها وإذا ماتوا تنتقل إلى وارثهم، وإن كان أصل الوقف ليس ملكا طلقا لهم.
وهذا بخلافه في هذا القسم، فإن الموقوف عليهم يملكون المنفعة الخاصة ملكا مضيقا كالسكنى مثلا، من غير أن يجوز لهم بيعها وإذا ماتوا تنتقل تلك المنفعة إلى الوارث، ومن هنا لو غصبه غاصب يضمن الأجرة للجهة لا لخصوص الساكن في ذلك، وهذا القسم كالمدارس والربط والخانات ونحوها.
والظاهر أن هذا أيضا تمليك للجهة العامة للوجوه المتقدمة والسيرة العقلائية، وهنا أوضح من السيرة في القسمين المتقدمين، فإن هذا القسم من الأوقاف كان موجودا في الزمن الجاهلية أيضا، وقفا على طبق مسلكهم، فإنها قائمة على ضمان الغاصب، فبالملازمة تدل على الملكية.
ومما ذكرناه ظهر ما في كلام المصنف، من عطف الرباط والخانات والقناط على المساجد، فإنه فرق واضح بينهما، إذ الوقف في المساجد تحرير فلا يجوز بيعه بوجه كما عرفت، ولكن الوقف للرباط والخانات والمدارس ليس تحريرا بل تمليك للجهة العامة فيجوز بيعها، فكم فرق بينهما.