بيان آخر في دفع الاشكال عن صاحب الجواهر (رحمه الله) والحاصل أن الوجه في رجوع السابق إلى اللاحق هو أن السابق باعطاء بدل التالف إلى المالك يكون مالكا للتالف الذي في ذمة من تلف عنده بالمعاوضة القهرية، فيعتبر الملكية في ذمة المتلف لكون الاعتبار خفيف المؤونة، فبرجوع المالك إليه يتحقق ذلك الاعتبار فيرجع إلى اللاحق لذلك.
والذي يوضح ذلك أمران:
ألف - إن في موارد التلف الحقيقي لو بقيت أجزاء من العين التالفة فتكون تلك الأجزاء داخلة في ملك الغاصب باعطاء البدل، لأنه لو لم يكن ملكه بالمعاوضة القهرية فلا بد أما من القول بكونها من المباحات الأصلية فهو بديهي البطلان، وأما كونها للمالك فيلزم الجمع بين العوض والمعوض، فيكون ملكا للغاصب، وهذا المعنى مما قامت به السيرة العقلائية كما يظهر لمن يلاحظ موارد ذلك.
ب - ملاحظة موارد التلف العرفي، كما إذا سرق السارق مال غيره أو غصبه أو أخذ بغير ذلك العنوان فألقاه في البحر، فطالبه المالك وأخذ منه بدله، فيكون ذلك التالف عرفا للمتلف بالسيرة العقلائية، فإذا خرج من البحر أو وجد من الموضوع المفقود فيكون للغاصب، وليس ذلك من المباحات الأصلية ولا أنه للمالك الأول لكون كل ذلك خلاف مقتضى السيرة القطعية، وليس ذلك من قبيل البدل الحيلولة، فإن موردها كما تقدم صورة تعذر الوصول إلى المال.
ومن هنا لو صاد أحد طيرا فجعله في قفس ففتح بابه ثان فطار الطير فأعطى بدل ذلك الطير ثم قتله ثالث بالبندقة ونحوها فيكون ضامنا للثاني، فإنه باعطاء العوض يكون مالكا لذلك الطير، وهكذا وهكذا، فإن السيرة في أمثال جميع ذلك محكمة.