بيان آخر للجهة الثانية: اعتبار المصلحة زائدا عن اعتبار عدم المفسدة في ولاية الأب والجد وقد استدل على ذلك بوجوه:
1 - دعوى الاجماع على ذلك.
وفيه أنه بعد ذهاب المتأخرين إلى عدم اعتبار شئ فيها إلا عدم المفسدة، بل ذهاب بعض آخر إلى عدم اعتبار شئ فيها، لا يبقي مجال لدعوى الاجماع ليكون اجماعا اصطلاحيا تعبديا وكاشفا عن قول المعصوم (عليه السلام).
2 - دعوى أن الحكمة في جعل الولاية للأب والجد ليس إلا جلب المنفعة للطفل ودفع الضرر عنه وإلا فتكون لغوا.
وفيه أن هذا وإن كان تماما في غير الأب والجد، ولكنه لا يتم فيهما، لامكان أن تكون الحكمة في جعل الولاية لهما ملاحظة حالهما من الشفقة الذاتية والرأفة الطبيعية الموجودة فيهما بالنسبة إلى الأولاد، وأنهما لا يقدمان على ضرره، وإن كان في بعض الأحيان يفعلون في أموال الطفل ما يرجع إلى نفعهم، كما ثبت ذلك في النص أيضا، كالاقتراض من مال الطفل وتقويم جاريته على نفسه، فإنه أي نفع في ذلك للولد.
بل قد ورد جواز الأكل من مال الولد مع الاحتياج وإن كان هذا من جهة الانفاق، ولذا قيدنا هذه الجهة في أول المطلب بأن المراد في اعتبار المصلحة في تصرفهما التصرفات الراجعة إلى غير الأب والجد، وإلا فيجوز لهما أن يتصرفا في أموال الطفل تصرفا لا صلاح ولا فساد فيه للطفل، بل للولي فقط كالاقتراض وتقويم جاريته على نفسه والتصرف فيها.