الجهة الثانية في شراء العين الصالحة للانتفاع بها بهذا الثمن بالبيع الخياري، ويقع الكلام هنا في أمرين:
الأول: في جواز شراء البدل بالبيع الخياري وعدمه، الثاني في اعتبار إذنهم في ذلك وعدمه، وأنه هل يجب البيع مع مطالبتهم ذلك أم لا.
1 - ربما قيل بعدم جواز ذلك، لأن الوقف يجب أن يكون مؤبدا، والبيع الخياري في معرض الفسخ فلا يكون وقفا.
وفيه أنه قد ظهر جوابه مما تقدم، من أن وقفية البدل ليس على نسق وقفية المبدل، لئلا يصلح للبدلية ما لا يكون قابلا للدوام، بل يجوز تبديل الوقف بكل شئ حتى الخبز الذي نفعه باعدامه وبالفواكه، غاية الأمر يبدل ذلك أيضا بشئ آخر وهكذا، فيكون بهذه التبدلات المالية محفوظة التي تعلق غرض الواقف بكونها باقية وينتفع بثمرها.
وعلى هذا فلا مانع من اشتراء دار أو دكان بهذا الثمن بالبيع الخياري، فإن فسخ البايع فقد حصل النفع للموقوف عليهم الذي كان غرض الواقف هو ذلك، بل معنى الوقف كان هو ذلك لما عرفت من أنه تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة، والثمن أيضا باق على حاله فيشتري به شئ آخر لينتفع به الموجودون والمعدومون، وإن لم يفسخ فقد صار بدل الوقف أحسن منه لكونه يساوي بخمسة دنانير وما اشتري بثمنه يساوي عشرين دينارا.
2 - الظاهر أنه يجب الشراء، سواء طالب البطن الموجود الشراء أم لا، ولا وجه لتقييد وجوب الشراء بصورة المطالبة كما في المتن، وذلك لأن الانتفاع بالوقف وإن كان حقا للبطن الموجود ولكن ليس لهم اسقاط ذلك