الصورة الثانية: أن يخرب الوقف بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به قوله (رحمه الله): الصورة الثانية: أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به.
أقول: قد عرفت أن المصنف ذكر هنا صورا:
الأول: ما تقدم الكلام فيه، وهو ما كان الوقف خرابا، بحيث خرج عن الانتفاع به حتى بالدقة العقلية، كالشاة المذبوح والحصير البالي والجذوع العتيقة، فإنها لا ينتفع بها ببقائها بوجه بل نفعها باعدامها، وإلا فاللحم الباقي ينتن فلا يكون قابلا للانتفاع به، وهكذا الأمور الأخر.
وقد عرفت جواز البيع في هذه الصورة، وعدم شمول الأدلة المانعة عن بيع الوقف على ذلك، بل يباع ويبدل بشئ آخر ليكون قابلا للانتفاع إلى الأبد، فإن حقيقة الوقف بذلك، ويكون العين حبسا والثمرة تسبيلا كما هو واضح.
ثم ذكر الصورة الثانية، وهي أن يخرب الوقف بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به، بحيث يصدق عرفا أنه لا منفعة فيه، وإن كان له نفع بحسب الدقة العقلية، ثم فصل في هذا القسم بين ما يكون الوقف بحيث لا يقال بهذا النفع لقلته، فيكون هذا مما يجوز بيعه لانصراف الأدلة المانعة عن بيع الوقف عن ذلك، وبين ما لا يكون كذلك بل يقال في العرف إن لهذا العين منفعة ولكن قليلة بالنسبة إلى العين قبل تلك الحالة، فهذا لا يجوز بيعه لعدم الوجه عن صرف الأدلة عن ذلك.
ثم ذكر صورة ثالثة، وهي أن يخرب الوقف بحيث يقل نفعه، لا أنه ينتفي نفعه بالكلية كما في الصورة الأولى، ولا أنه قلت بمرتبة ليلحق بالمعدوم كما في الصورة الثانية، بل تقل منفعته بالنسبة إلى المنفعة قبل عروض تلك الحالة.