وعليه فيكون النهي متمحضا للتكليفي، لعدم ارتباط الآية بالمعاملات بوجه ليكون النهي ارشادا إلى الفساد، كما ذكرنا مرارا من كون النهي في باب المعاملات ارشاد إلى الفساد.
وبالجملة أن الآية خارجة عن المعاملات وليست لها تماس بها لكي يبحث في فسادها وعدمها، بل هي مسوقة للنهي عن أكل ماله والاستيلاء عليه، فهي نظير: على اليد ما أخذت حتى تؤدي (1).
ثم إنه لا يفرق في ذلك بين كون الاستيلاء حدوثا أو بقاء، فلو كان مال زيد الصغير وديعة عند عمرو فإلى سنة أحرزه، ثم استولى عليه وتملكه وتصرف فيه تصرف الملاك، فتشمله الآية أيضا، إذ النهي منحل إلى نواهي عديدة على نحو العموم الاستغراقي.
المراد بالتي في الآية ثم اختلف في أن المراد بالتي أي شئ، فقيل: إنها كناية عن النية أي:
لا تقربوا مال اليتيم إلا بنية حسن، فيكون الباء صلة زائدة، وقيل: إن المراد منها الكيفية، أي: لا تقربوا مال اليتيم إلا بكيفية حسن، وذكرنا سابقا أن المراد منها الطريقة، ويكون الباء للسببية، وليس هو وصفا للقرب كما توهم، وإلا كان الصحيح أن يقال: إلا بالذي هو أحسن.
ثم لا شغل لنا في أنه أي شئ أريد منها أو من الأحسن، بعد مما علمت خروج الآية عن باب المعاملات وكونها ناهية عن أكل مال اليتيم والاستيلاء عليه بأي نحو من أنحاء التصرفات.
كما أنه لا شغل لنا للبحث في أنه أي طريق يجوز التصرف في مال