أن جدرانها وكذلك سائر أجزائها عن السقف وغيره لا تبقى إلى الأبد بل تخرب ويتجدد ببناء آخر ولو بعد ألف سنة، فلو كان قوام المسجدية والمشهدية بتلك الأجزاء لزالت ولم تبق إلى الأبد، فهو خلف ومناقضة، ونكشف من ذلك أن المسجدية غير قائمة بها، وإنما هي أجزاء المسجد كما لا يخفى.
ثوب الكعبة بقي هنا شئ، وهو أن ثوب الكعبة هل هي وقف للكعبة أو للزائرين أو للخدمة، وأنه على تقدير كونه وقفا للكعبة كيف يجوز أخذه في كل سنة وصرفه في غير مصارف الكعبة.
أقول: الظاهر أنه بذل للبيت إلى أن يكون لها سنة واحدة، فلا يجوز التصرف فيه إلى سنة، ثم يأخذه المتصدي للكعبة ويتصرف فيه ببذله إلى خدمته أو إلى زواره كيف شاء، بل سمع أن في المصر موضع وقف على ذلك بحيث أن يصنع منه في كل سنة ثوبا للكعبة.
وبالجملة أن ثوب الكعبة لا يقاس ببقية أموال المساجد والمعابد والمشاهد، فإنه لا يجوز التصرف في بقية أموالها بنحو، وهذا بخلاف ثوب الكعبة، فإنه يجوز التصرف فيها بعد سنة، لأنه من الأول جعل هكذا، خصوصا لو صح ما سمعنا من تهيئة موضع لذلك في المصر.
وبالجملة ثوب الكعبة ليس وقفا لها ليستشكل فيه بأنه كيف يسوغ بيعه بعد سنة مع كون الوقف مؤبدا، بل هو هدية للبيت ينتفع به إلى سنة، ولا يجوز لأحد أن يتصرف فيه إلى سنة ثم يؤخذ ويتصرف فيه، فمن الأول جعل هبة للبيت إلى سنة ثم إلى المسلمين أو الخدمة ونحوهم.
ويشهد على ذلك ما ورد من جواز بيع أستار الكعبة والانتفاع به، كما