وهذا نظير اخبار البينة على أن هذا المتاع قد كيل أو وزن، فهل يتوهم أحد بعدم اعتبار ذلك من جهة عدم تحقق الكيل والوزن فيتمسك بالعمومات الدالة على صحة المعاملة.
وأما الأشياء التي لا يعد في العرف من المكيل والموزون فالظاهر عدم اعتبار الكيل والوزن فيها، لخروجها عن المكيل والموزون تخصصا في نظر العرف، فإن الأخبار لا تدل إلا على اعتبار الكيل في المكيل والوزن في الموزون، لا على اعتبارهما في جنس المكيل والموزون كما في الربا، ومن الواضح أن الأمور المذكورة ليست من المكيل والموزون في نظر العرف بل من جنسهما فلا تشملها تلك الأدلة.
وإذن يفرق بين المقام وبين جريان الربا في المكيل والموزون، فإن أدلة حرمة الربا تدل على جريانه في جنس المكيل والموزون، سواء كان قليلا أو كثيرا وموزونا في نظر العرف أم لم يكن كذلك كما هو واضح لا يخفى.
حكم النقود الرائجة ومن هذا القبيل النقود الرائجة فعلا، فإنها وإن كانت من جنس الموزون ويجري فيه الربا ولكن لا يعتبر فيها الوزن في مقام المعاملة بل هي من المعدود كما هو واضح.
ويؤيده بل يدل عليه أنه لو باع أحد ماله بدرهم فظهر أنه ناقص من سائر الدراهم بحبة أو حبتين فلا يبطل البيع لأجل جهالة الثمن ولا أنه يقسط المبيع، ويلتزم بالصحة بما قابل الدرهم وبالفساد بالمقدار الناقص، كما أن المعاملة بالدنانير الفعلية التي من القرطاس صحيحة، وإن كان بعضها ممزقا ما لم يضر بالرواج، فلا يشك أحد أن المزق عيب فيه.