الصورة الثالثة: أن تخرب بحيث يقل منفعته قوله (رحمه الله): الصورة الثالثة: أن تخرب بحيث يقل منفعته، لكن لا إلى حد يلحق بالمعدوم.
أقول: لو خرجت العين الموقوفة عن الانتفاع بها على الوجه الأول بأن قلت منفعتها، كما إذا كانت الدار تستأجر بمائة وإنما تستأجر فعلا بخمسين، إما لخرب فيها أو لنقص نفعها، فهل يجوز بيعها؟
فذهب جمع إلى المنع كالمصنف وغيره، وفي محكي الخلاف جواز البيع، محتجا بأنه لا يمكن الانتفاع بها إلا على هذا الوجه، كما في مسألة النخلة المنقلعة.
والظاهر أنه لا يجوز من جهة أنه يجوز الانتفاع من النخلة المقلوعة في التسقيف ونحوه، ولا نتصور وجها لجواز بيع الوقف هنا بوجه بعد ما كانت حقيقة الوقفية محفوظة، أعني حبس العين وتسبيل الثمرة، فإن النفع موجود في ذلك وتشملها الأدلة المانعة عن بيع الوقف، فإنه لا مانع من شمول قوله (عليه السلام): لا يجوز شراء الوقوف (1)، وقوله (عليه السلام): الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها على ذلك (2).
وبالجملة أن مقتضى حقيقة الوقف ومفهومه ابقاؤه على حاله إذا أمكن الانتفاع به وزوال بعض الموانع لا يستلزم جميعها، فإن مثل النخلة المقلوعة يجوز الانتفاع بها بالتسقيف ونحوه، وعليه فتشمله الأدلة المانعة عن بيع الوقف.