2 - أن يكون وقفا للذرية، بحيث يوقف أرضا خاصا لهم لتكون منفعته لهم، طبقة بعد طبقة وجيلا بعد جيل.
فلا شبهة أن هذا القسم من الوقف تحبيس وتمليك، أما كونه تحبيسا فلأن الوقف على ما فسروا تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة، وقد جعل الواقف ذلك الوقف كذلك كما لا يخفى، وأما كونه تمليكا لهم فلمقتضى السيرة القطعية العقلائية على ذلك، فإنه لا يشك أحد في أنه إذا ثبت في ذلك ما يوجب الضمان على شئ يكون ذلك الشئ لهم، ولو غصبه غاصب لوجب عليه رده إلى الذرية بمقتضى اليد والسيرة.
ومن المعلوم أنه لو لم يكن هنا تمليك لكان الحكم فيها مثل المساجد من غير أن يوجب الاشغال والغاصب الضمان على الأجرة، فلازم هذه السيرة هي الملكية، على أن مقتضى الوقف على الذرية يقتضي ذلك بمقتضى مفهوم الوقف، فلو كان ذلك مجرد التحبيس لكان المناسب أن يقول الواقف: وقفت لهم بحيث يكون لهم لا عليهم.
وهذا بخلاف التمليك، فإن الواقف يملك العين الموقوفة لهم ولكن يضيق دائرة السلطنة على الموقوف عليهم، ولا يجعلونهم مطلقا في العين الموقوفة لتكون سلطنتهم سلطنة مطلقة وسلطنة لهم، بل يضيق دائرة السلطنة عليهم بالشرط في ضمن الوقف وبنفسه، نظير الشرط الخارجي بحيث يكون الموقوف عليهم مالكا للمنفعة فقط ملكية مطلقة، وأما العين فليس لهم عليها مالكية إلا من جهة أن تكون المنفعة لهم، وأما يفعلون للعين الموقوفة بما شاؤوا فلا، وإذن فتكون السلطنة عليهم لا لهم، ولذا قال الواقف عند الوقف: وقفت عليهم.
وبالجملة مقتضى تلك العبارة هي التمليك، فإنه لو كان الغرض هو التحبيس لقال: وقفت لهم لا عليهم، فإن من الواضح أنه إذا كان الشخص