وأما المجنون، فتارة يكون جنونه في حال الكفر، بأن كان يهوديا أو نصرانيا أو ملحدا أو مشركا فعرض له الجنون في تلك الحالة، فهو كافر أيضا حقيقة، فيقال إنه يهودي أو نصراني أو ملحد مجنون، ومرتكزاته أيضا مرتكزات الكفر والالحاد، وأخرى يكون جنونه من البدء وأول الأمر، فهو وإن لم يصدق عليه عنوان الكافر ولكن يشمله الحكم بعدم القول بالفصل جزما بين أفراد المجانين.
بيع الطفل المؤمن والمجنون المؤمن من الكافر هذا كله من طرف المشتري، وأما من جهة المبيع، أي بيع الطفل المؤمن والمجنون المؤمن من الكافر فيظهر حكمه مما ذكرناه، إذ لا ينكر صدق المؤمن على بعض أفراد الطفل لعرفانه المبدأ والمعاد، بل ربما يكون ايمانه أكمل من أكثر البالغين، وكذلك لا شبهة في صدقه على المجنون في حال الاسلام، فيتم الحكم في غيرهما بعدم القول بالفصل جزما، كما هو واضح، إذ لم يقل أحد بجواز بيع بعض أفرادهما وبعدم جواز بعض أفرادهما الأخر.
ثم إن مفروض الكلام في المجنون ما إذا كان البيع له، بأن كان المتصدي للبيع غير مستقل في التصرف، وإلا فلو كان المتصدي له ولي له وكان كافرا ومستقلا في التصرف كيف شاء، فهذا لا يجوز بلا شبهة، بناء على عدم الجواز.
عدم شمول حكم الكافر للمخالف وأما المخالف فليس بكافر قطعا فلا يشمله حكمه، فيجوز بيع العبد المسلم منهم لإقرارهم بالشهادتين ظاهرا وباطنا.