فيعارض شمول العموم لكل منهما مع شمولها للآخر، فيتساقطان لعدم الترجيح بلا مرجح.
وهذا بخلافه في المقام، فإنك عرفت أن ما بيع لكل من المشتريين أمر كلي قابل الانطباق على جميع الأفراد، وكذلك أجزاء المبيع، ففي هنا بيوع متعددة حسب تعدد المبيع بالانحلال، وكل مبيع في كل بيع قابل الانطباق على جميع أجزاء الصبرة، من غير أن يكون بينهما تزاحم وتمانع أصلا، كما كان كذلك في سائر العقود في الفرض المذكور.
ولكن إذا تلفت الصبرة ولم يبق إلا الصاع الواحد فيسقط المبيع الكلي من الطرفين عن السريان وينحصر ما ينطبق عليه الكليان بالفرد الواحد، وحينئذ فكل من البيعين يتعارضان في الانطباق إلى الموجود الخارجي الذي هو فرد من الصاع من حيث المجموع للمعارضة، ولكن انطباق حق كل من المشتريين بنصف الصاع فلا معارضة بينهما، فيحكم بالتبعيض، فالعمومات تشمل على البيعين بالنسبة إلى النصف بلا معارضة، وليس للبايع أن يعطي مجموع الصاع لأحدهما دون الآخر، لعدم بقاء الاختيار له بالنسبة إلى المجموع، نعم بالنسبة إلى النصفين فاختياره باق على حاله، فله أن يعطه لأحدهما هذا النصف وللآخر ذلك وبالعكس، وهذا واضح لا شبهة فيه.
وأما ثبوت الخيار، فقد أشرنا إليه ويأتي تفصيل الكلام فيه في الخيارات.
حكم المبيع بعد القبض ثم ذكر المصنف (رحمة الله) فرعا آخر لبيان الثمرة، وهو أنه أن المبيع إنما يبقى كليا ما لم يقبض، وأما إذا قبض فإن قبض منفردا عما عداه كان