وأما المشاهد فهل هي مثل المساجد أو كأوقاف العامة، ويقع البحث فيها في جهتين: الأول في أرضها، والثانية: في الآلات التي توقف عليها، من السراج والقناديل والذهب والفضة والفرش ونحوها.
أما الكلام في أرضها، فالظاهر أنها ملحقة بالمساجد وليست ملكا لأحد بل تحرير محض، ومن هنا ألحقوها بالمساجد في جميع الأحكام الشرعية، وعليه فلا يصح بيعها بوجه، بل يعامل معها معاملة المساجد.
والحاصل أن الوقف على أنحاء:
منها: أن يكون تحريرا كالمساجد والمشاهد المشرفة، فإنها لله ووقفوها لأن تكون معابد للمسلمين، من غير أن تكون ملكا لأحد أو لجهة، كما أن البيع والكنائس معابد لليهود والنصاري، من غير أن تكون ملكا لأحد، وعليه فلا يجوز بيعها كما عرفت، وأما الوقف للصلاة مثلا فليس بمسجد كما تقدم.
وأما لا يكون الوقف تحريرا فيكون تمليكا، سواء كان وقفا على الذرية أو وقفا على الكلي، كوقف الحمامات والدكاكين ونحوهما على الكلي، كالعلماء والصلحاء والفقراء والزوار ونحوهم من العناوين الكلية، بحيث تكون المنفعة ملكا طلقا لهم، أو وقفا على الجهة كالرباط والخانات والقناطر ونحوها، فإنها وقف على الجهة لينتفعوا منها فقط، بحيث كما أن ملكهم على الوقف مضيق فكذلك ملكهم على المنفعة أيضا مضيق، وربما يعبر عن ذلك بملك الانتفاع، ولكنه لا معنى له.
والوجه في كونه تمليكا هو قيام السيرة العقلائية على ضمان الغاصب لهذه الأوقاف بخلاف المساجد، فبالملازمة نكشف كونه تمليكا.
وهذا لا شبهة في جواز بيعها مع عروض المسوغ لها، كما سيأتي في مسوغات بيع الوقف.