ملك للفقراء والأصناف الأخر، أو نفرض مسجدا يملكه المالك للمسلمين وقفا توهم فاسد، فإن المساجد من قبيل التحرير كالعبد المعتق وأنها لله، لا بمعنى كونها ملكا له ومضافا إليه ليتوهم جواز بيعها من جهة تلك الإضافة المصححة للبيع، بل بمعنى كونها معبدا للمسلمين ليعبد فيها لله تعالى ويتقرب به فيها.
ولعل إلى هذا المعنى ينظر قوله تعالى: وأن المساجد لله (1)، بل هو المحتمل القريب من سائر المعاني، وهذا هو المستفاد من بعض الروايات، فلا يقاس ذلك بالزكاة، فإن الجهة فيها مالك بخلافه في المساجد، فإنه ليس فيها جهة إضافة حقا أو ملكا فلا يصح بيعها بوجه.
وأما الوقف بمعنى التمليك للمسلمين، بأن يجعل مكانا خاصا مسجدا بعنوان التمليك لا التحرير فخارج عن الفرض، فإنه لا يكون مسجدا ومتمحضا لله بل يكون مثل الحسينيات ونحوها.
وبالجملة أن من الضروري أن المساجد ليس إلا تحريرا وفكا للملك لا تمليكا، وعليه فلا يكون بيعه جائزا لعدم وجود الإضافة فيها إلى أحد ولو إلى الجهة كالزكاة، بحيث يباع المسجد ويكون بدله قائما مقامه في تلك الجهة، فهذا قسم من الوقف العام.
ومن هنا ظهر ما في كلام كاشف الغطاء حيث ذكر جواز إجارة المسجد الذي خربت القرية وانقطعت المارة عنه وخرب، وذلك فإن صحة الإجارة تتوقف على كونه مضافا إلى شخص لتكون الأجرة داخلة تحت ملكه، وقد عرفت أنه باق على وقفيته.
نعم يصح الزرع والغرس فيه والانتفاع به بغيرها مع ملاحظة الآداب كما هو واضح.