وكيف كان فيقع الكلام في مقامين: الأول: في أنه يجوز اشتراط بيع الوقف ليكون بدله أيضا وقفا أو لا، الثاني: في جواز اشتراط بيعه ليكون ثمنه ملكا طلقا للموقوف عليهم وعدم جوازه.
وعلى كل تقدير فنتكلم في جهتين:
الأولى: في كون هذا الشرط مخالفا لمقتضي العقد وعدمه.
الثاني: في كونه مخالفا لمقتضي السنة وعدمه، إذ ليس في الكتاب ما يكون راجعا إلى ذلك حتى نتكلم في مخالفته للكتاب أيضا.
الجهة الأولى أما المخالفة لمقتضي العقد، فالمدار في ذلك على أن يكون المنشأ في العقد مضادا للشرط ومناقضا له، كما لو اشترط في البيع أن يكون بلا ثمن، أو اشترط في الإجارة أن تكون بلا أجرة، أو اشترط عدم تصرف المستأجر في الدار المستأجرة أصلا، وأما إذا لم يكن الشرط منافيا لمقتضي العقد وإنما يكون منافيا لمقتضي الاطلاق فلا مانع عنه، كما إذا اشترط في البيع أن يكون الثمن مؤجلا، أو أن يكون من نقد خاص.
وعليه فإن كان التأجيل من مقتضيات الوقف ومن منشئاته فاشتراط البيع عند الحاجة مناف لمقتضي عقد الوقف بلا شبهة، وأما لو كان من مقتضيات اطلاق الوقف فلا مانع عن بيعه.
وأما مقتضى ليكون بدله أيضا وقفا مثل أصله، فربما قيل بعدم الجواز، بدعوى أن مقتضى الوقف هو التأبيد، والواقف إنما وقف الموقوفة ليكون الوقف أبديا كما هو مقتضى مفهوم الوقف أيضا، فاشتراط بيعه يكون مناقضا لمفهومه فلا يجوز، وعليه فكما أن الشرط فاسد فكذلك أنه مفسد أيضا للمناقضة.