إذ ما يجب احترامه وفداء النفوس له والجهاد لحفظه إنما هو القرآن الكلي الجامع بين الأشخاص، بحيث بزواله زال الدين وانهدم شريعة سيد المرسلين، وقد استفدى بذلك الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) نفوسهم فضلا عن المؤمنين، بل ما من إمام إلا وقد قتل لاحياء القرآن وقوانينه، وهذا أمر واضح لا شبهة فيه، وأما كون حفظ شخص القرآن المطبوع في مطبعة فلا نية أولى من المؤمن غير معلوم، بل معلوم العدم، فإن حفظ المؤمن أعظم درجة من ذلك.
ولا نحتمل أن يشك أحد في أنه لو دار الأمر بين اتلاف قرآن بالقائه بالحبل المشدود فيه لانقاذ مؤمن وبين تلف المؤمن أن انقاذ المؤمن مقدم، وكذلك لو دار الأمر بين موت مؤمن جوعا وبين اتلاف القرآن لحفظه فلا شبهة في كون الأول مقدما على الثاني.
وبالجملة ما يكون حفظه أولى من حفظ المؤمن فخارج عن محل الكلام، وما ليس كذلك فلا نسلم الأولوية فيه.
ثانيا: ربما يكون البيع موجبا للاحترام، إذ كثيرا ما يطالعه ويهتدي به، فلو لم يباع كيف يطلع على قوانينه الوافية يهتدي به، فاحترامه يقتضي البيع لعله يوجب الارشاد، وتوهم استلزامه الهتك مدفوع لما عرفت أن محل الكلام إنما هو مع قطع النظر عن الجهات الخارجية كما لا يخفى.
شمول الحكم للأخبار المتواترة والآحاد وعلى تقدير ثبوت الحكم هنا، فهل يثبت في الأخبار المتواترة، فيه خلاف، ولا شبهة في عدم الشمول لو كان المدرك هو الاجماع، لعدم شموله للمصحف فضلا عن شموله للأخبار المتواترة، وأما لو كان مدرك