بيان آخر لحكم بيع صاعين من شخصين مع تلف الصبرة وبقاء صاع واحد وقد انتهى الكلام إلى أنه إذا باع صاعا من صبرة من شخص ثم باع صاعا من صبرة من شخص آخر فتلف الصبرة ولم يبق منها إلا صاع واحد فهل يكون ذلك للمشتري الأول كما اختار المصنف، أو ينفسخ العقد فيهما معا ويعود الباقي إلى ملك المالك الأول، أو يتخير المالك الأول بين أن يعطيه من المشتري الأول أو من المشتري الثاني، أو يحكم بالتنصيف.
فذكر المصنف أنه يتعين للأول، وقد عرفت أنه لا وجه له، فإن كل من المشتريين قد ملكا كليا من صياع الصبرة الذي قابل الانطباق على جميع الصياع وسار شريكا فيها، فنسبة كل منهما إلى كل من الأفراد على حد سواء، بحيث إن للبايع الذي ملك الكلي الساري وحفظ الخصوصيات أن يطبق كل من الكليين على أي فرد من الأفراد شاع، فإذا تلفت الصبرة ولم يبق إلا صاع واحد فبأي مرجح يتمحض ذلك بالمشتري الأول، مع أنا فرضنا أن مملوك كل منهما ليس إلا الكلي الساري، فتخصيص الباقي بالأول بلا مخصص ومرجح، فإنه ليس في البين مرجح إلا السبق الزماني وكون المشتري الأول أسبق من البيع للمشتري الثاني، فلا دليل على كونه مرجحا في البين.
وأما كون التخيير تحت يد البايع فهو واضح البطلان، فإنه بعد ما خرج المبيع عن ملكه فأي اختيار له في ذلك، وتوهم أن الخصوصيات كانت مملوكة له فله تمليكها بأي منهما شاء توهم فاسد، فإنه لا يعقل تمليك العين عارية عن الخصوصيات، إذ لا وجود للعين الخالي عنها في الخارج، فإن الشئ إذا تشخص ووجد في الخارج خرج عن الكلية،